القائمة

من شبابنا نبدأ


إن النهوض بالمجتمعات والرقي بها لتصبح حضنا دافئا تتوفر فيه شروط الحياة الكريمة والآمنة المطمئنة مهمة صعبة ومكلفة لا يستطيعها إلا الشباب، لكن لكي يتأتى له ذلك لابد له من امتلاك الإرادة والقوة والعزم، وإنارة طريقه بحكمة وتجربة الكبار.
وهذه صفات لابد لكي يتحلى بها الشباب من أن يتحرر من يأسه والإحباط الذي تسلل إلى نفسه، من حلال الاجتهاد في التحلي بالأخلاق الحميدة والتسلح بالعلم النافع، لأن هذا وحده هو الطريق الذي يمكنه من امتلاك ضمير حي مؤمن بالله واثق فيه ومتوكل عليه حق التوكل، وإلا فإنه سيستمر في الاستسلام للواقع بكل ما فيه من اختلالات،
وإذا كنا نقول بأن الشباب هو ربيع الأمة الذي تزدان به ميادين البذل والعطاء، وطاقتها التي تعطيها القدرة على التقدم والازدهار والإصلاح، فإن هذا الربيع لابد له من ماء يسقيه ومواد تغذيه، ولابد له من راع يتعهده بالعناية والحماية، وهذا هو دور الكبار من آباء وأمهات ومعلمين ومربين، فالحماسة في الشباب قد تورده المهالك إذا لم يسترشد بحكمة وتجربة الكبار، إلا أن الكبار إذا لم يحسنوا رعاية الشباب والتعامل معه فإنهم سيكونون سببا في تدمير قدراته وقتل الطموح فيه فبدل أن يتطلع إلى المستقبل، سيستهلك جهده ووقته في البحث عن الاستقلال عن تلك السلطة المكبلة التي يحاول الكبار فرضها عليه.
إن شباب الأمة تفشت فيه أمراض اجتماعية خطيرة ومتنوعة، وعندما تبحث عن أسبابها تجدها كلها نتيجة تمرده على منظومة القيم الإيمانية والأخلاقية لديننا الحنيف فبات يعتقد أن التحرر من تلك القيم هو الذي سيجلب له السعادة، لكنه فقد بذلك سعادته ووقع فريسة سهلة للمتربصين به من شياطين الإنس والجن.
فمن كان يريد الإصلاح حقا، فنقطة انطلاقه الاهتمام بهذا الشباب والاعتناء به والتفكر فيما يصلح أحواله.